يرافقها شبح الطلاق مدى الحياة، تصارع الزمن من أجل التخلص من هذا السجن الأبدي، سلوكاتها وتصرفاتها تحت المجهر، فالمجتمع سيد الموقف، والمطلقة هي المذنبة الوحيدة في هذه الحالة، لأنها لم تحاول الاستقرار و التواصل مع زوجها حسب العادات والتقاليد التي يفرضها المجتمع، و هي في غالب الحالات تكون متهمة، تلتف حولها مختلف الإشاعات، و التساؤلات؟؟ ماهي الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق؟ هل يعتبر الطلاق مؤشر على خلل في أخلاق المرأة؟ هل على المرأة المطلقة أن تسجن نفسها داخل سجن أبدي إلى أن يعفو عنها رجل آخر؟ ماهي وضعية المرأة المطلقة داخل المجتمع؟ كيف ينظر المجتمع إلى المرأة المطلقة؟ وما هي الأسباب التي تجعله ينظر إليها بتلك النظرة الدونية؟ ماهي آثار الطلاق على نفسية المرأة؟ كيف تستطيع المطلقة حماية نفسها من نظرة المجتمع؟ و كيف تستطيع تخطي هذه الحالة من أجل الاندماج في المجتمع من جديد؟
ماهي الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق؟
يعتبر الطلاق ظاهرة اجتماعية خطيرة تعاني منها المرأة قبل الرجل في صراعها المستمر مع الزمن و ضغوطات المجتمع، لكن على الرغم من الأهمية التي يكتسيها الطلاق في حياة البشرية و مستقبلها، إلا أنه لم يحظ بالاهتمام و الدراسة الكافيين من طرف الباحثين و علماء الاجتماع، من أجل الكشف عن الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق، وعن آثاره على كل من الرجل والمرأة، هي أسباب قد تكون نفسية، اقتصادية، اجتماعية، ثقافية، داخلية أو خارجية.
و من أهم الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق الأسباب الاجتماعية وتتمثل في نوعية المعاملة بين الزوجين (العنف، الإهانة، عدم الاحترام، عدم الانسجام، الإهمال، عدم تحمل المسؤولية، مصاريف البيت، تربية الاطفال، الصراع الدائم من أجل الهيمنة على الآخر...)، كلها عوامل تؤدي بشكل مباشر أو غير مباشر إلى الطلاق، و تشير الأستاذة فاطمة الحنوني (محامية و فاعلة جمعوية) في هذا الإطار إلى « أن أغلب حالات الطلاق التي ترد على مكاتب المحاماة تكون بسبب العنف الموجه ضد الزوجة، بحيث يتفنن الزوج في استعمال مختلف وسائل العنف التي تتوفر لديه من أجل معاقبة المرأة على ذنب لم ترتكبه، فأي امرأة معرضة لهذا العنف مهما كان مستواها الثقافي و الاقتصادي و الاجتماعي، هذا العنف الذي يتفشى في مختلف الأوساط الاجتماعية الراقية والمهمشة، و أحيانا يعود الزوج إلى البيت تحت تأثير الخمر أو المخدرات، فيعنف زوجته، كما أن الاستسلام و الخضوع المستمر الذي تعاني منه المرأة المغربية القابعة تحت وطأة التقاليد و العادات البالية التي يعرفها المجتمع المغربي، يساهم في تفاقم المشاكل الزوجية و الطلاق، و أحيانا ترجع أسباب الطلاق إلى الخيانة الزوجية التي يتسبب فيها أحد الطرفين بسبب الإهمال العاطفي والجنسي، و هناك أسباب أخرى لا تفصح عنها المرأة لأنها أكثر حميمية بالنسبة إليها ».
كما أن التنشئة الاجتماعية لكل من المرأة و الرجل تلعب دورا كبيرا في فشل تجربة الزواج، حيث إن الرجل يريد الزوجة نسخة مطابقة لأمه في حين تفضل المرأة أن تكون لها شخصية و تفكير مستقلين، هذا ما تخلص إليه الدكتورة سلمى الحاضي ( باحثة اجتماعية)، وتضيف أن اختلاف الطباع بين الزوجين يدفع أحيانا إلى زرع أشواك الغيرة بينهما، حيث إن الرجل غالبا ما يكون هادئ الطباع و بطيء الحركة في حين أن المرأة تتميز بالحيوية والمرح، إضافة إلى اختلاف المفاهيم حول الزواج، واختلاف التقاليد و البيئة الاجتماعية، يقول سعاد 24 سنة (ربة بيت) « بينما كنت أرى البيت هو الشيء الأول في حياتي، يهتم هو بعمله و أناقته و أصدقائه في المقهى، و البيت عنده المكان الثانوي الذي يلجأ إليه من أجل النوم و الراحة، حاولت أن أكون جميلة في عينه، اهتم بهندامي و أناقتي، إلا أنه لم يهتم بالأمر و لم يلاحظ أي تغيير سواء في شكلي أو في بيتي و كثيرا ما كان يعتذر عن تناول العشاء، الذي تعبت كثيرا في تحضيره بحجة أنه اضطر لمشاركة أصدقائه عشاءا شعبيا على طاولة إحدى المطاعم، ولأني تربيت على أساس الاهتمام بزوجي و بيتي فقط، فقد كان هذا العمل هو هاجسي الوحيد، أما هو فله عالم آخر خارج البيت، كان الغضب يعتريني كلما أهملني وأهمل مشاعري، التي كانت تجف يوما بعد يوم، و كأنه لم يتعود بعد على كونه متزوجا، وعليه التخلي نوعا ما عن حياة العزوبية، ليستقر و يهتم بي قليلا، إلا أنه كان يزداد انسياقا يوما بعد يوم في عالمه، و فشلت كل محاولتي للاحتفاظ به في البيت، و تحولت مع الأيام إلى مجرد قطعة من أثاث المنزل ».وشكرا.