خالي عبد الرحمان
https://i.servimg.com/u/f60/15/10/85/14/wissam10.jpg عدد المساهمات : 250 من يستحق الوسام لهذا الشهر؟ : 5825 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 06/04/2010
| موضوع: القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي 14/3/2011, 17:44 | |
| طوال هذا الشهر الكريم دعوني أستعيد معكم سيرة شخصية إسلامية عظيمة، اجتمع عليها كثيرون علي اختلاف مذاهبهم وأديانهم، يميزها الجرأة وإعلاء قيمة العقل وهما قيمتان نعاني الآن كمجتمع إسلامي من غيابهما كثيراً، شخصية يجب أن يتمثل ويقتدي بها كل أزهري وكل مفتي وكل شيخ أزهر؛ إنها شخصية الشيخ والإمام «محمد عبده» شيخ شيوخ التنوير ورائد حركة الإصلاح الديني الإسلامي، والذي عاش في الفترة مابين عام 1849 وعام 1905 من القرن قبل الماضي .. - كانت أفكاره ورؤاه النقدية وآراؤه الإصلاحية الجريئة، تحمل الكثير من الصدق والرغبة الأكيدة في إصلاح أحوال المسلمين والعرب.. وتعرض في كتبه وفتاويه إلي كل الأمور التي نعاني الآن من التباسها علينا بينما هو قد قال فيها القول السديد.. وكانت آراؤه دليلاً واضحاً علي أنه كان صاحب نظرة تجديدية، والمجدد ينظر دائما إلي الأمام وإلي المستقبل، وذلك علي العكس من المقلد والذي ينظر إلي الماضي ويبكي علي الأطلال.
خلال فترة توليه منصب المفتي للديار المصرية نادي بإصلاح المحاكم الشرعية، وألف واحداً من أهم مؤلفاته وهو كتاب «الإسلام والنصرانية مع العلم والمدنية» وقام في هذا الكتاب بإجراء مقابلة بين الدينين الإسلامي والمسيحي وأثرهما في العلم والمدنية. وقد رأي محمد عبده ـ آنذاك ـ في الإصلاح السياسي والاجتماعي والوصول للشعب وسيلة للتخلص من الاحتلال بمقاومته، ولذلك جاءت دعوته إلي تجديد الفكر الديني، والإصلاح الأدبي واللغوي، والإصلاح التعليمي والتربوي، إصلاح الأزهر وإدخال العلوم العصرية فضلاً عن الإصلاح السياسي.
اعتبر محمد عبده التعليم أهم العوامل المسببة للحراك الاجتماعي، وكان ضد التركيز علي العلم المدني بعيداً عن الدين، أو العلوم الدينية بعيداً عن العلوم المدنية؛ فالدين عنده هو دعامة المجتمع وركيزة التعليم أياً ما كان نوعه، ومن ثم طالب بإصلاح الأزهر وإخراجه من حالة الجمود بإدخال العلوم العصرية المختلفة، وهي الدعوات التي يتردد صداها حتي الآن لا في القاهرة وحدها بل في كل جنبات العالم الإسلامي. فقال بضرورة فهم الدين بعيداً عن قبضة الصورة الجامدة والمتكلسة التي آل إليها حاله إبان مرحلة الانحطاط الحضاري التي حاصرت فيه روح الاجتهاد المنطلقة من نصوص الوحي، وأبعدته عن الإبداع، والتفاعل الرشيد مع الواقع، ومكتسبات العقل العلمي، لتتم حكمة الله في حفظ نظام العالم الإنساني، وأنه علي هذا الوجه يُعدّ صديقاً للعلم، باعثاً علي البحث في أسرار الكون، داعياً إلي احترام الحقائق الثابتة، مطالباً في التعويل عليها في أدب النفس، وإصلاح العمل»
أولي عناية خاصة لدراسة اللغة العربية، ومناهج التعامل معها وذلك بوصفها أحد المقومات الكبري للأمة إلي جانب دينها، وأخلاقها، وموروثها الحضاري والتاريخي، بالإضافة إلي أن تجديد أساليب دراستها، وأساليب التعامل بها يعطي دفعة قوية لإصلاح وتجديد الفكر الديني نفسه؛ نظراً لأن نصوص الدين نفسها موجودة، ومحفوظة باللغة العربية. لذلك فقد دعا إلي إدخال إصلاحات جوهرية علي أساليب تعليم قواعدها وآدابها، وأساليب الكتابة فيها، وتأليف مجامع لغوية لمتابعة شئونها، ووضع معاجم لغوية، ومعاجم علمية.
أما العمود الثالث في مشروعه التنويري فكان الإصلاح السياسي الذي وصفه بأنه «الركن الذي تقوم عليه حياتهم الاجتماعية أي المسلمين، وما أصابهم الوهن والضعف والذل إلا بخلو مجتمعهم منه، وذلك هو التمييز بين ما للحكومة من حق الطاعة علي الشعب، وما للشعب من حق العدالة علي الحكومة».
إذن فقد قدم الإمام محمد عبده برنامجاً شاملاً متكاملاً للتجديد في جميع النواحي وإن احتل المجال التربوي والتعليمي عنده مكانة متميزة باعتباره مفتاح المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والمتغير المستقل بالنسبة لبقية المتغيرات الأخري «فالفكر وليس المادة هو أساس التغيير».
عدل سابقا من قبل خالي عبد الرحمان في 18/3/2011, 17:44 عدل 1 مرات | |
|
خالي عبد الرحمان
https://i.servimg.com/u/f60/15/10/85/14/wissam10.jpg عدد المساهمات : 250 من يستحق الوسام لهذا الشهر؟ : 5825 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 06/04/2010
| موضوع: رد: القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي 18/3/2011, 17:38 | |
| - خالي عبد الرحمان كتب:
- [size=24]طوال هذا الشهر الكريم دعوني أستعيد معكم سيرة شخصية إسلامية عظيمة، اجتمع عليها كثيرون علي اختلاف مذاهبهم وأديانهم، يميزها الجرأة وإعلاء قيمة العقل وهما قيمتان نعاني الآن كمجتمع إسلامي من غيابهما كثيراً، شخصية يجب أن يتمثل ويقتدي بها كل أزهري وكل مفتي وكل شيخ أزهر؛ إنها شخصية الشيخ والإمام «محمد عبده» شيخ شيوخ التنوير ورائد حركة الإصلاح الديني الإسلامي، والذي عاش في الفترة مابين عام 1849 وعام 1905 من القرن قبل الماضي .. - كانت أفكاره ورؤاه النقدية وآراؤه الإصلاحية الجريئة، تحمل الكثير من الصدق والرغبة الأكيدة في إصلاح أحوال المسلمين والعرب.. وتعرض في كتبه وفتاويه إلي كل الأمور التي نعاني الآن من التباسها علينا بينما هو قد قال فيها القول السديد.. وكانت آراؤه دليلاً واضحاً علي أنه كان صاحب نظرة تجديدية، والمجدد ينظر دائما إلي الأمام وإلي المستقبل، وذلك علي العكس من المقلد والذي ينظر إلي الماضي ويبكي علي الأطلال.
خلال فترة توليه منصب المفتي للديار المصرية نادي بإصلاح المحاكم الشرعية، وألف واحداً من أهم مؤلفاته وهو كتاب «الإسلام والنصرانية مع العلم والمدنية» وقام في هذا الكتاب بإجراء مقابلة بين الدينين الإسلامي والمسيحي وأثرهما في العلم والمدنية. وقد رأي محمد عبده ـ آنذاك ـ في الإصلاح السياسي والاجتماعي والوصول للشعب وسيلة للتخلص من الاحتلال بمقاومته، ولذلك جاءت دعوته إلي تجديد الفكر الديني، والإصلاح الأدبي واللغوي، والإصلاح التعليمي والتربوي، إصلاح الأزهر وإدخال العلوم العصرية فضلاً عن الإصلاح السياسي.
اعتبر محمد عبده التعليم أهم العوامل المسببة للحراك الاجتماعي، وكان ضد التركيز علي العلم المدني بعيداً عن الدين، أو العلوم الدينية بعيداً عن العلوم المدنية؛ فالدين عنده هو دعامة المجتمع وركيزة التعليم أياً ما كان نوعه، ومن ثم طالب بإصلاح الأزهر وإخراجه من حالة الجمود بإدخال العلوم العصرية المختلفة، وهي الدعوات التي يتردد صداها حتي الآن لا في القاهرة وحدها بل في كل جنبات العالم الإسلامي. فقال بضرورة فهم الدين بعيداً عن قبضة الصورة الجامدة والمتكلسة التي آل إليها حاله إبان مرحلة الانحطاط الحضاري التي حاصرت فيه روح الاجتهاد المنطلقة من نصوص الوحي، وأبعدته عن الإبداع، والتفاعل الرشيد مع الواقع، ومكتسبات العقل العلمي، لتتم حكمة الله في حفظ نظام العالم الإنساني، وأنه علي هذا الوجه يُعدّ صديقاً للعلم، باعثاً علي البحث في أسرار الكون، داعياً إلي احترام الحقائق الثابتة، مطالباً في التعويل عليها في أدب النفس، وإصلاح العمل»
أولي عناية خاصة لدراسة اللغة العربية، ومناهج التعامل معها وذلك بوصفها أحد المقومات الكبري للأمة إلي جانب دينها، وأخلاقها، وموروثها الحضاري والتاريخي، بالإضافة إلي أن تجديد أساليب دراستها، وأساليب التعامل بها يعطي دفعة قوية لإصلاح وتجديد الفكر الديني نفسه؛ نظراً لأن نصوص الدين نفسها موجودة، ومحفوظة باللغة العربية. لذلك فقد دعا إلي إدخال إصلاحات جوهرية علي أساليب تعليم قواعدها وآدابها، وأساليب الكتابة فيها، وتأليف مجامع لغوية لمتابعة شئونها، ووضع معاجم لغوية، ومعاجم علمية.
أما العمود الثالث في مشروعه التنويري فكان الإصلاح السياسي الذي وصفه بأنه «الركن الذي تقوم عليه حياتهم الاجتماعية أي المسلمين، وما أصابهم الوهن والضعف والذل إلا بخلو مجتمعهم منه، وذلك هو التمييز بين ما للحكومة من حق الطاعة علي الشعب، وما للشعب من حق العدالة علي الحكومة».
إذن فقد قدم الإمام محمد عبده برنامجاً شاملاً متكاملاً للتجديد في جميع النواحي وإن احتل المجال التربوي والتعليمي عنده مكانة متميزة باعتباره مفتاح المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والمتغير المستقل بالنسبة لبقية المتغيرات الأخري «فالفكر وليس المادة هو أساس التغيير».[/size] | |
|