في هذا العالم. يأتينا الظلم أحيانا من أخ، أو صديق ، او زميل ، أو مدير
في العمل أيا كان إلا أنه إحساس مخيب للأمال . لكن الأهم من هذا الاحساس
تفاوت الناس في تقبل هذه المشاعر السلبية التي تتكون جراء هذا الحادث الأليم
لعطايا النفس الكريمة .
هب أنك أحد هؤلاء الناس . ألم تشعر بحرقة شديدة في الصدر تكاد تأكل كل
إحساسك بالأشياء من حولك؟ ألم تنتابك رغبة في الانتقام ؟
ألم تتمن لو أنك لم تتعرف على هذا الشخص أو تتعامل معه ؟ ألم تلم نفسك
على عدم القدرة على اكتشاف حقيقته مبكرا؟
ألم تشعر بأن نواياك الطيبة هي سبب ضعفك وعليك توجيهها لمزيد
من الشك والريبة في الآخرين؟
ألم تحاول أن تقيس نظرتك للحياة مستقبلا على أساس هذه التجربة؟
كلها مشاعر قد تنتابك وأكثرفهل المطلوب منك التصرف إزاءها كملاك والتعامل
معها بمثالية والتصرف فيها بحكمة مع الآخرين ؟ ألسنا نطلب بذلك منك الكثير
ويقول أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه
( إياك ودعوات المظلوم ، فإنهن يصعدن إلى الله كأنهن شرارات من نار)
الظلم نار فلا تحقر صغيرته ******* لعل جذوة نار أحرقت بلدا
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ( إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ، ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت
مؤمنة )
أيها المظلوم صبراً لا تهن ******* إن عين الله يقظى لا تنام
نم قرير العين واهنأ خاطراً ******* فعدل الله دائم بين الأنام
وإن أمهل الله يوماً ظالماً ******* فإن أخذه شديد ذي انتقام
أيها الظالم :
اعلم أن الظلم عند الله عز وجل يوم القيامة له دواوين ثلاثة :
ديوان لا يغفر الله منه شيئا وهو الشرك به ، فإن الله لا يغفر أن يشرك به . يقول عز وجل ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ
وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ) [ النساء 48 ] ويقول سبحانه وتعالى ( وَإِذْ قَالَ
لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) [ لقمان 13 ]
وديوان لا يترك الله تعالى منه شيئاً ، وهو ظلم العباد بعضهم بعضاً ، فإن الله تعالى يستوفيه كله ، فعن أبي هريرة
رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها فإنه ليس ثم
دينار ولا درهم من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه)
ربما لأننا كبشر لايخطر في بالنا في بداية الصدمة إلا أن نعاقب الآخرين على الأذى الذي سببوه لنا أو نعاقب أنفسنا
لأننا لم نكن بتلك الفطنة التي تجنبنا الوقوع في مثل هذا الاحساس الأليم بالظلم، لكن الحقيقة نحن لانفعل شيئا سوى
تعذيب أنفسنا بشيء خرج عن إطار قدرتنا وحدث وانتهى. لذا فإن العاقل هو من يتمكن من تجاوز تلك اللحظات القاسية
ليعيش في إطار الحاضر فكيف يحدث ذلك؟؟
تقول لويز خي مؤلفة كتاب ( أشف نفسك ذاتيا ): ((إن الغضب والسخط اللذين نشعر بهما لهما علاقة مباشرة بنا فقط
وبقدرتنا على مسامحة أنفسنا ولا علاقة لهما بمسامحة شخص آخر.كرروا: أنا أريد أن أتخلص من الماضي وأريد
مسامحة كل من سبب لي الأذى . لاأريد أن أقول ان الظلم الذي تعرضت له كان بسيطا ، إنما تعلمت كيف أنظر إلى كثير
من الأمور بعيون أخرى .إنني ألتفت إلى بعض الأحداث في حياتي وأقول: نعم كانت، لكنني لم أعد أعيش فيها وهذا
لايعني أنني استسلمت ببساطة ورضيت بها. لكن اعلموا أن لاأحد يستطيع أن يأخذ منكم ماقدر له أن يكون حقا لكم،
إذا كان شيئا ملكا لكم فإنه سيعود إليكم عندما يأتي الوقت)).
أيها الظالم :
علمت مما سبق ، إن الظلم مرتعه وخيم ، وعاقبته أليمة ، وآثاره سيئة ، وقد بين الله سبحانه وتعالى في الكتاب العزيز
، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه عاقبة الظلمة فالله الله في نفسك التي بين جنبيك أحفظها في الدنيا من
الآفات الخطيرة ومنها الظلم لتسعد في الآخرة وتنعم ، وترتاح في الدنيا وتغنم .
اللهم اجعلني من المظلومين ولا تجعلني من الظالمين. وشكرا.