جنوح الأحداث.. سببه الفقر أم التفكك الأسري؟
جنوح الأطفال وانحرافهم، ظاهرة اجتماعية سلبية آخذة في التنامي والازدياد رغم كل ما بذل من جهود دولية ومحلية حاولت الحد من استشرائها.. وقد اعتبر بعض المفكرين والباحثين الاجتماعيين أن انحراف الحدث هو سلوك اجتماعي عنيف يمكن ملاحظته ومعاينته كما هو الشأن في الانتحار وقد عزا هؤلاء ظاهرة الجنوح إلى العوامل النفسية الاجتماعية مثل تفكك البنيات والمؤسسات الاجتماعية والوضعية الاجتماعية الاقتصادية التي يحددها الانتماء إلى طبقة اجتماعية معينة..
وتمكن الاختصاصيون من دراسة نفسية الكثير من الأحداث والصفات التي يمتاز بها هؤلاء الأحداث فاتضح لهم أن الحدث هو نتيجة انفكاك أسري وعدم استقرار العائلة التي يحكمها التشتت والضياع نتيجة غياب رقابة الوالدين.. فالأسرة المتصدعة والمنهكة برأيهم عاجزة عن القيام بأي مسؤولية في تربية الأطفال وخاصة فيما يتضمن تلبية احتياجاتهم ورغباتهم الأساسية من مسكن وملبس ومأكل ومن تعليم أساسي قادر بعض الشيء على توازن الطفل وعدم انجراره إلى رفاق السوء إذ يكون الحدث هنا ضحية لواقع اجتماعي متفكك ويقع على كاهلنا في هذه الحالة مسؤولية إنقاذه وإعادة بنائه ودمجه بالمجتمع مرة أخرى..
وقد وجد الاختصاصيون بدراستهم أن الفقر عندما يصيب الحدث في ظل تفسخ العلاقة الأبوية فإن سبل العيش تضيق به حتى لا يجد أمامه إلا التشرد والتسول وارتكاب الجريمة والانحراف ملخصين ذلك بمجموعة مؤثرات تؤدي إلى الإحساس باليأس والإحباط تجلت في ملامح العوز وعدم الكفاية المادية أو الروحية..
ميادة معلمة مدرسة قالت: إن عدم الاستقرار الأسري له أثر كبير في انحراف سلوك الطفل وتزداد المعاناة أكثر في شعوره بأنه غير محبوب من طرف عائلته ولاسيما أن جل الأطفال المنحرفين هم نتيجة سوء التفاهم في طبيعة العلاقات الأسرية والشعور بعدم الحنان والعطف من قبل والديهم الذين يميزون بين أولادهم بشكل مخيف وغير عادل! من هنا يكون الخطأ كما تقول ميادة فالحدث سينظر إلى أقرانه خارج الأسرة ما يجعله يخرج إليهم ويعمل معهم ضمن الممنوعات والمحظورات..
أسباب جنوح الأحداث
المحامي عباس الحسن قال: إن الحدث من وجهة نظر علم الاجتماع والنفس والقانون هو الصغير منذ ولادته حتى يتم له سن النضج الاجتماعي والنفسي وصولا إلى سن الرشد، وإن أسباب انحرافه تكمن في سوء حالة الأسرة من انفكاك الروابط العائلية إضافة إلى الفقر والحرمان والبؤس وأسباب اقتصادية ودينية فهذه العوامل إن اجتمعت معا فان الطفل يخرج مجرما بالنهاية، فالفقر على حد زعمه داء خطر يولد عدم الثقة بالنفس والانجراف إلى النزوات الشخصية مثل ارتكاب الجريمة والسرقة من أجل المال وغيره. كما أن هناك عوامل أخرى تبقى مهيأة لاستفحال الأسباب السابقة مثل رفاق السوء، الذي لا يتأثر بها إلا من كانت تربته مستعدة إلى الانحراف مسبقا.. إضافة إلى العوائق النفسية والجسدية التي تتخذ طابع السلوك الإنساني وما تؤثره الأمراض النفسية وخاصة العصبية التي تدفع الفرد إلى التصرف بسلوك غير طبيعي، ولا ننسى أوقات الفراغ التي يشكو منها الكثير فالبالغ يضبط نفسه أما الحدث فهي مشكلة أمامه وخاصة إذا ما كان نابذا وكارها للمدرسة.