بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الخلق اجمعين وبعد:
ويتمسكون في أنفسهم بواجبات كرامة الإنسان، بفروضها ونوافلها وعامها وخاصها وعزائمها ورخصها وشرعتها ومنهاجها.
أول الواجبات وأقدس ما يكرم الإنسان إفراد الله بالعبادة. قال المجاهد في ديوان رستم قائد الفرس في العهد الأول : "الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله. ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام".
قالها جندي من جند الله كلمة من ورائها قوة صاعدة في عنفوان انطلاقتها.
ويسمع منا العالم هذه الملكة إن تقوينا بنصر الله وبوحدتنا وبإقامة عمران أخوي نموذجي يغري الإنسان بنظافته وعدله ورخائه وإنسانيته وكرامة أدميته.
كلمتنا النموذجية المغرية الجذابة الداعية المحررة العلمية المتجسدة في كيان يتوحد لتصبح الأمة الإسلامية واحدة كما أمر الله، كلمة تنبثق من كتاب الله وسنة رسوله. تنبثق بندا واجبا يخاطب الإنسان، كل إنسان، بحقه بندا باعثه الإيمان بدل بنود يفرضها القوي على الضعيف.
الإحسان إلى الوالدين واجب مؤكد يأتي في السياق القرآني مباشرة بعد واجب التوحيد. أي ضياع هو ضياع المنبوذين والمنبوذات في دور العجزة في أروبا الحضارة وأمريكا القوة والثروة !
إيتاء ذوي القربى من أكد واجبات التكافل الأخوي. لذي القربى في النسب حق. وللمسكين حق. وللسائل بحاله أو مقاله حق. ﴿وآت ذي القربى حقه والمسكين وابن السبيل﴾ (سورة الإسراء، الآية : 26).
هذه الثغرات في البناء الاجتماعي العصري الحقوقي القانوني لا تسدها الدولة. إنما تسدها اليد الحانية المحبة القريبة المتقربة بأنواع البر والمعروف إلى المولى البر الرؤوف الرحيم.
المجتمع العصري بارد إنسانيا، لا يزداد فيه الأثرياء إلا أنانية، ولا البؤساء في دور العجزة وشوارع نيويورك إلا بؤسا.
الإنفاق على الغارمين جهاد من الجهاد.
والأمة في غرم قانوني، تطوقنا بقانونيتها الرأسمالية العالمية. المديونية تخنقنا. الربا المضاعف المخزي. الوصمة في جبين الإنسانية، صنم معبود في هياكل العصر.
الفائدة، ودفع الفائدة، والقرض لدفع الفائدة وفائدة الفائدة، وشروط الصندوق الدولي والبنك العالمي. هذه بنود حقوقية محترمة جدا، شريفة جدا، في ميثاق الأمم المتحدة.
التبذير من عمل الشياطين. أضفه إلى شيطنة الرأسمالية وربويتها لتجد معادلة إفلاس المستضعفين في الأرض وفي مقدمتهم المسلمون. كم حاكم تساوي ودائعه في ابناك الحضارة الربوية ديون بلاده.
التبذير وسرقة أموال المسلمين والمسلمات أشد على المسلمين من الكوارث المرسلة. والتنمية حصيلة ممتنعة ما دام قاع الإناء مخروما.
تقول للإنسان حسنا من الدين. تربي الطفولة وترأف بها وتلقنها مبادئ الإيمان والمروءة من الدين.
كل راع مسؤول عن رعيته بند من بنود واجبات الإنسان وحقوقه.
التأمر بالمعروف والتناهي عن المنكر واجب وحق.
الشورى والعدل فرض مفروض.
البر بمن تعرف ومن لا تعرف من إنسان وحيوان وشجر وأرض وبيئة فضيلة مرفوعة. وقد دخل رجل الجنة في كلب سقاه. ودخلت امرأة النار في قطة حرمتها.
من بنود الواجبات الإسلامية النهي عن المنكر والتعاون على حربه.
لا تشرك بالله ﴿إن الشرك لظلم عظيم﴾ (سورة لقمان، الآية : 12). أول ما يتواصى به المسلمون. ثم لا تعق والديك، ولا تشهد الزور، ولا تفر من ساحة الجهاد، لا تسرق، لا تكذب، لا تنافق.
لا تقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، لا تزن، لا تقرب الفواحش ما ظهر منها وما بطن، لا تقرب مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن، لا تطفف المكيال والميزان، لا تكل بمكيالين فذاك حرام.
﴿وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا﴾ (سورة الإسراء، الآية : 22). من هنا تبدأ مسؤولية كل مسلم ومسؤولية الدولة المسلمة حق الإسلام لتقرأ في القرآن كله والسنة كلها ما فرضه الله على كل من مسؤولية وواجب وفرض عين وفرض كفاية. وعدل وإحسان وشورى وأخوة وتراحم بين بني الإنسان.
قراءة مقدسة لواجبات مقدسة. والدنيا سياسة هنا، وأخلاقيات هناك. المنادون السياسيون بأخلاقيات الإنسان وحقوق الإنسان مكيافليون منافقون وذوو المروءات والأخلاق هامش.
والحكمة الإسلامية المفقودة المطلوبة تجيب عن سؤال : كيف تلتقي ذمة المسلمين مع أخلاقية ذوي المروءة في العالم ؟ كيف تبسط يد الصدق بين كل الفضلاء الأحرار ؟
كان الإمام عمر بن الخطاب رضي الله عنه حذرا، يقظا، وكان يقول : "لست بالخب ولا الخب يخدعني". فهذا مفتاح من مفاتيح الموقف. والله المستعان.