واليوم، وفي عصرنا هذا ونحن مقبلين على الألفية الثالثة، في عصر التكنولوجيا المتطورة والشبكة العنكبوتية والهاتف النقال... فقد سهل على المثليين جمع شتاتهم وتكوين خلياتهم، إذ ازداد تلاحمهم وتكافلهم مع بعضهم البعض في "نضال" لا مشروط متآزرين متلاحمين بمطالبة جدية وجرأة بلغت حد الوقاحة، في محاولة منهم ترسيخ هويتهم الجنسية وإثبات ذاتهم التي تتنكر لها مختلف الشرائح الاجتماعية.
وبالفعل فقد نجح شواذ العالم العربي في تحقيق جزء من حلمهم الذي كان قبل سنوات قليلة من سابع المستحيلات، واستطاعوا آن يكونوا لأنفسهم جمعيات تطالب بدمجهم في المجتمع العربي الإسلامي متلقفين في هذا الشأن أفكار الشواذ من الغرب الذين كلل "نضالهم" بموافقة بعض الجهات المسؤولة على عقد قران شاذين جنسيا وتزكية زواجهما بالقس والكنيسة.
وإذا كان شواذ المجتمعات الغربية الذين يتنكرون من دياناتهم ويتمسحون في حرية الفكر والتعبير وحقوق الإنسان قد نجحوا في تحقيق معظم مطالبهم، فإن شواذ المجتمعات العربية قد نجحوا في خلق جمعيات كجمعية "كيف كيف" مثلا، محاولين في استماتة مواصلة فتح باب الانخراط المجاني لتوسيع دائرة الانتماء فيما يشبه نبات الفطر الذي ينبت بلا بذر ويخلق لنفسه جذورا في ثربة لم تكن له.
إذا ما تصفحت القاموس العربي بحثا عن مفهوم كلمة "شذوذ جنسي" لغة أو اصطلاحا فإنك لن تجد ما يطفئ ظمأك في هذا الموضوع، وحسب لسان العرب، فكلمة "شذوذ" تعني شَذَّ عنه يَشِذُّ ويَشُذُّ شذوذاً: أي انفرد عن الجمهور وندر، فهو شاذ وشَذَّ الشَّيءُ يَشِذُّ شَذّاً وشُذوذاً: ندر عن جمهوره؛ وفي حديث قتادة: ..ثم أَتبع شُذَّانَ القوم صَخْراً مَنْضُوداً أَي من شذ منهم وخرج عن جماعته.
ومن المعروف أن ما هو شاذ يعني كل ما هو استثنائي، إذ يجوز القول مثلا: "حالة شاذة" أي أنها حالة استثنائية، والشاذ هو كل ما خرج عن المألوف والمتداول بين الناس، وهو كل ما خالف المعمول به مما اتفق عليه جموع القوم. وإذا ما بحثنا عن مفهوم كلمة "المثلية" أو "المثلي" بين شروحات المعجم العربي فلا نكاد نجد البتة مفهوما لهذه الكلمة، ربما لأنها وليدة العصر ولأنه مصطلح لم يكن ليعرف قبل الوقت القريب، بيد أنه لصيق بظاهرة المثلية التي أصبح يفصح عنها في الوقت الحالي لتخرج من زاوية المسكوت عنه، وعليه، فمن الطبيعي ألا نجد شرحا واضحا أو مفهوما لكلمتي "شاذ" و"مثلي" في القاموس العربي أو معجم اللغة أو لسان العرب أو غيرها من الكتب الخاصة بشرح وتفسير مصطلحات لغة الضاد.
حسب علماء النفس فإنهم يعنون بالمثلية الجنسية السحاق واللواط، ويذهب بعضهم إلى أن الكثيرين ممن لديهم ميول مثلية ليست لديهم ممارسات مثلية والعكس صحيح، بمعنى أن الميول لنفس الجنس لا يعني بالضرورة الممارسة الجنسية الجدلية من نفس الجنس، وأن الكثيرين ممن يقومون بممارسة الجنس المثلي ليست لديهم ميول مثلية، ويذهب علماء النفس إلى أن المثلية الجنسية تعني: من المثل، أي اشتهاء نفس الجنس بمعنى أن يشعر الشخص بانجذاب نفسي وعاطفي وجنسي اتجاه الأشخاص من نفس جنسه، وهذا المصطلح يستعمل في الكتب العلمية الغربية، ومصطلح "المثلية الجنسية" لا يعبر بالضرورة عن السلوك الجنسي للشخص، إذ أن المثلية الجنسية ليست مرادفا لممارسة اللواط أو السحاق، مؤكدين أن عدد كبير من المثليين لا يمارسون اللواط أو السحاق بينما الكثيرون ممن يمارسون اللواط أو السحاق متغايرين و ليسوا مثليين، وبمعنى أدق فالأنثى يمكن أن تنجذب إلى أنثى مثلها في الوقت الذي تنجح في بلوغ اللذة الجنسية مع الذكر والعكس صحيح لهذا الأخير، وخلاصة القول يمكننا اعتبار أن مصطلح "المثلية الجنسية" إنما يعنى الانجذاب الجنسي و العاطفي للأشخاص من نفس الجنس وليس الممارسة الجنسية.
وشكرا.