النحس هو بدايتي ونهايتي.
اعلم ان العنوان غريب.
ولكن دعوني أسرد في كلام علكم ترون المفيد.
المثل يقول يوم لك ويوم عليك.
إذن فالنحس موجود ويقابله التوفيق ولكن.
أنا والنحس توأم لا يفترقان قد تستغربون كلامي وقد تستنكرون قصة حياتي لكني سأحكيها لكم لعلكم منها تستفيدون واليها ترجعون و ربما كانت لكم تسلية عليها تضحكون. لا ادعي النحس الدائم فالمثل يقول يوم لك ويوم عليك ولكن حظي يقول أنا يوم معك وعشرة عليك. ما علينا كله كلام في كلام (كلكم تقولون هذا في نفسكم). لا داعي للتهكم او الاستهزاء فسأسرد لكم حكايتي كما أسلفت ولكم الحكم في النهاية.
خرجت للحياة من بطن امي ستة اشهر وكأني مشتاق لهذه الدنيا أو ان هذه الدنيا تعشقني وتستعجل مقابلتي. ولدت لعائلة ميسورة الحال فأبي موظف حكومي وأمي ربة بيت وان كانت متعلمة. كنت الرابع بين اخوتي وجاء بعدي اثنين ولدين وبنت اكبر مني و ولد وبنت اصغر. ولدت في عام النكسة وكلكم تعرفونه. أيامها حلف والدي ان يسميني نكسة ان كنت بنتا ولكن لسوء طالعه ولحسن حظي. (من النوادر) خرجت ذكرا لهذه الدنيا. لكن ابي لم ييأس فقرر تسميتي منكوس اعترضت أمي بشدة على هذا وحدثت قطيعة بين ابي وامي بسببي لم يحلها الا جدي لأبي حين أمر بتسميتي محظوظ ( ظل اسم منكوس يلازمني كأسم دلع) لا اعرف لم سماني بهذا الاسم الا ان والدتي اخبرتني انه فعل هذا لأقتران يوم ولادتي بيوم فرح لجدي ففي نفس يوم ولادتي ولدت ثلاث بقرا لجدي ثلاثة عجول (سبحان الله وابي اراد ان يسميني منكوس). الا ان مزرعة جدي اصابها حريق دمرها بالكامل فلم يبق منها سوى عجل من العجول الثلاثة أتضح في النهاية انه عجل مجنون.في ذاك العام أصابت جدي جلطة قلبية نتيجة ما حصل لمزرعته فانتقل الى رفيقه الاعلى.
استمرت حياتي هادئة مستقرة الا من بعض الحوادث الاعتراضية اذكر لكم هنا ما استطعت التذكر منها. تحكي لي والدتي اني تعلمت الحبي مبكرا ويبدو انه كان لدي مستقبلا باهرا في الجري وسباق المارثون والدليل على ذلك مثابرتي العظيمة والجهد الكبير الذي بذلته للخروج للشارع حبيا. في ذلك اليوم خرجت حبيا حتو وصلت للشارع العام لمدينتنا (الشارع ليس بعيدا عن بيتنا فهو أمامه مباشرة) حينها لم انتظر بالطبع ان تقف السيرات لي فأنا من سيرغمها على التوقف. حبيت حتى وصلت لمنتصف الشارع حينها ارتبك كل من عبر تلك اللحظة بسيارته ( قيل لي ان خمس سيارات تصادمت ببعضها البعض). لكن لحسن حظي لم يصبني أي مكروه اليس هذا دليل على حسن الطالع وعلى المستقبل الباهر الذي ينتظرني.
الان بدأت أمشي على قدمي. الحياة اصبحت جميلة فالعالم كبر من حولي والتنقل صار اسهل صحيح اني احمل دائما لكني استطيع الان الذهاب لأي مكان احب (بشرط الا تكون الابواب مقفلة) ما هذا باب المطبخ مفتوح ستكون حفلة ولا اروع. دخلت المطبخ ولسء حظي كانت امي موجودة داخل المطبخ فأخرجتني منه مرغما مكرها كم تمنيت الوصول لتلك الاضواء الجميلة وذاك البخار الابيض الذي يتصاعد من القدر الذي فوقها. خرجت للفناء بعد ان ضاق علي المنزل. النخلة ما اروعها كم جلست انا وابي تحت ظلها الوارف و كان يحكي لي عن جدي وحبه لهذه النخلة التي زرعها بيديه رحمه الله ( لم اكن اعي ما اسمع حينها) ما هذا برميل صغير على الحوض الذي زرعت فيه النخلة لحظة لأرى ما بداخله. ما هذا لم استطع الاقتراب منه فقد سقط بعد دفعته في حوض النخلة وانسكب بالكامل لكن يالها من رائحة كرية. بعد يومين ماتت النخلة. حاول ابي معرفة سبب انسكاب البرميل ولليومنا هذا لم يعرف (كان من الصعب علي ان اعترف فلو رأيتوا حالة ابي حين رأى النخلة وهي تموت لعرفتم السبب).
اخيرا انا في المدرسة نسيت ان اخبركم طبعا غير ابي اسمي ليصبح محمد على اسم جدي يرحمه الله. الغريب في الامر اني لا اتذكر كثيرا من حالات النحس التي كانت تصيبني بل على العكس كنت محظوظا في تلك الفترة فقد كنت متفوقا لدرجة اني كنت الاول دائما في الصف. لكني دعوني احكي لكم هذة الواقعة من حسن حظي اني صرت مع قريب لي في الصف الاول الابتدائي وللعلم فقط فهو لم ينجح في السنة التي قبلها اعتاد قريبي هذا على الخروج بشكل دائم من المدرسة اثناء الحصص الدراسية والذهاب الى متجر قريب يبتاع منه الحلويات والمياه الغازية. حقيقة لا اعرف من اين اتته الفكره والجراة على عمل مثل هذا الامر على الرغم من صغر سنه. وطبعا لصلة القرابة حقوق ولذلك اراد قريبي ان اشاركه فيما يفعل وبالطبع لا استطيع ان ارد له طلبا وفعلا هذا ما حدث. الغريب في الامر ان قريبي ولعام كامل لم يكتشفه احد ولكن بمجرد ان ذهبت معه مرتين انكشفنا بعدها.
اخيرا انتهينا من الابتدائية وهمومها ودخلنا المرحلة الإعدادية او المتوسطة . وكما تعرفون فهذه المرحلة من اصعب مرحلات العمر فهي فترة المراهقة المبكرة وظهور علامات البلوغ والرجولة للرجال ( وطبعا الانوثة للنساء). بالنسبة لتسميتها بالمتوسطه فهو اسم مقبول كونها تقع بين المرحلة الابتدائية والمرحلة الثانوية ولكن لا اعرف لما سميت بالاعدادية ربما كونها تعد الطالب ليكون ذو مستقبل باهر او مظلم ففي اثناء هذه المرحلة يحدد الكثيرون وجهة حياتهم اما للأجرام والفشل( طبعا الفشل الدراسي) أو للعلم والتفوق ( وان كان نادرا ما ترى طالبا يهتم بالدراسة اثناءالمرحلة المتوسطة). اذن هي فعلا مرحلة اعدادية ولم يكذب من سماها بذلك. نسيت ان اشرح لكم سبب تسميتها بستيكة والسبب يرجع في ان اكثر الطلاب بدأون علاقتهم الحميمة بالرسوب في هذه المرحلة الدراسية بل ان بعضهم يصل الى مرحلة العشق مع الرسوب ( صدق او لا تصدق احد الاشخاص لم يتخرج من هذه المرحلة الا بعد عشر سنين على الرغم من انها ثلاث سنوات دراسية) فيأخذون السنة الدراسية في سنتين. وانا واعوذ بالله من كلمة انا واصلت مرحلة التفوق الدراسي (شئت ام ابيت هناك من كان يتابع مستواي الدراسي اولا بأول في البيت). ولكن الغريب في الامر اني كنت مشاغبا في نفس الوقت (يعني ولد شقي لكن متفوق دراسيا). كنا في احدى السنوات الدراسية نهرب وبشكل شبه يومي من الحصة الاخيرة وكنا نتبع طريق مبتكرة دعوني احدثكم عنها. من حسن حظنا ان باب الامدرسة مفتوح بشكل دائم الا انك لا تستطيع مغادرة المدرسة الا بعد عبورك امام مكتبي وكيل و مدير المدرسة تباعا. ولذلك لا تستطيع الخروج والكتب الدراسية بين يديك. جائتني العبقرية يومها واخترعت مع زملائي اسلوبا جديدا كنا نرمي الكتب من نافذة الفصل لخارج المدرسة بحيث يبقى احد الطلاب في الفصل ليرمي الكتب ويتسلل الباقون للخارج واحدا تلو الاخر (طبعا لو سألهم المدير ان ستذهبون لقالوا نشرب ماءا دورة المياه الله يكرمك ومن هذه الردود). نجحت الخطة بامتياز حتى جاء ا ليوم الذي رميت فيه الكتب من نافذة الفصل.في ذاك اليوم كنت اصرخ هل ارمي فيأتي الرد نعم ارمها وهكذا حتى رميت كتب كل من اراد الهروب ذاك اليوم. نزلت بعدها لأخرج مع زملائي وننطلق هاربين لكني فوجئت بزملائي واقفين امام جدارالمدرسة والمدير امامهم (اكتشفت بعدها ان من كان يرد النداء مدير المدرسة نفسه طبعا لم لكن ارى من يستقبل الكتب بعد ان ارميها) لكن المدير لطيبة قلبه سامحنا فقط تعهد خطي من اولياء الامور بعد تكرار الامر.
وشكرا.